کد مطلب:239552 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:138

مبررات قبول الامام لولایة العهد
و لقد قبل الامام (ع) ولایة العهد، و لكن .. بعد أن عرف أن ثمن رفضه لها لن یكون غیر نفسه التی بین جنبیه . هذا عدا عما سوف یتبع ذلك من تعرض العلویین ، و كل من یتشیع لهم الی أخطار هم فی غنی عنها .. ولو فرض أنه كان له هو (ع) الحق - فی مثل هذه الظروف - فی أن یعرض نفسه للهلاك، فلن یكون له حق أبدا فی أن یعرض غیره من شیعته و محبیه، و العلویین أجمع الی الهلاك أیضا ..

هذا .. عدا عن أنه (ع) كان علیه أن یحتفظ بحیاته، و حیاة شیعته و محبیه ؛ لأن الامة كانت بأمس الحاجة الی وعیهم و ادراكهم ؛ لیكونوا لها قدوة و منارا ، تهتدی، و تقتدی به، فی حالكات المشاكل، و ظلم الشبهات ..

نعم .. لقد كانت الامة بأمس الحاجة الی الامام (ع)، و الی من رباهم الامام ؛ حیث كان قد غزاها فی ذلك الوقت تیار فكری، و ثقافی غریب، من الزندقة و الالحاد، و شاعت فیها الفلسفات و التشكیكات



[ صفحه 305]



بالمبادی ء الالهیة الحقة ؛ فكان علی الامام (ع) أن یقف، و یقول بواجبه ، و ینقذ الامة، و لقد كان ذلك منه بالفعل؛ فلقد قام بواجبه، و أدی ما علیه، علی أكمل وجه، رغم قصر المدة التی عاشها بعد البیعة نسبیا، و لهذا نقرأ فی الزیارة الجوادیة؛ «..السلام علی من كسرت له و سادة والده أمیرالمؤمنین؛ حتی خصم أهل الكتب، و ثبت قواعد الدین .. » [1] .

و المراد بذلك : الامام الرضا (ع) ..

ولو أنه (ع) رفض ولایة العهد، و عرض نفسه، و شیعته، و محبیه للهلاك فلسوف لا یكون لموته ؛ و موتهم أدنی أثر فی هذا السبیل، بل كان الاثر عكسیا، و خطیرا جدا ..

أضف الی ذلك : أن قبول الامام بولایة العهد، معناه اعتراف من العباسیین عملا ، مضافا الی القول: بأن العلویین لهم حق فی هذا الأمر، بل انهم هم الأحق فیه، و أن الناس قد ظلموهم حقهم هذا . و أن ظلم الناس لهم لیس معناه عدم ثبوت ذلك الحق لهم ..

و قد رأینا ابن المعتز یهتم فی الاستدلال علی أن جعل المأمون الرضا ولیا للعهد، لا یعنی أن الحق فی الخلافة كان للرضا و العلویین، دون المأمون و العباسیین ؛ و أنه انما أعطاهم ذلك عن طریق التقوی و الورع، و لیثبت لهم أن الخلافة التی ثاروا من أجل الوصول الیها و قتلوا انفسهم فی سبیلها لا تساوی عنده جناح بعوضه، فهو یقول :



و أعطاكم المأمون حق خلافة

لنا حقها لكنه جاد بالدنیا



لیعلمكم أن التی قد حرصتم

علیها و غودرتم علی اثرها صرعی



[ صفحه 306]



یسیر علیه فقدها غیر مكثر

كما ینبغی للصالحین ذوی التقوی



فمات الرضا من بعد ما قد علمتم

و لاذت بنا من بعده مرة أخری [2] .



و أیضا .. حتی لا یتناساهم الناس، و یقطعوا آمالهم بهم . و حتی لا یصدق الناس ما یشاع عنهم من أنهم مجرد علماء فقهاء، لا یهمهم العمل لما فیه خیر الامة . و لا یفكرون فی الخروج الی المجتمع بصفتهم رواد صلاح و اصلاح و لعل الی ذلك كله، یشیر الامام (ع) فی قوله لمحمد ابن عرفة، عندما سأله عن قبوله بولایة العهد ؛ فقال له : « یا ابن رسول الله ، ما حملك علی الدخول فی ولایة العهد ؟!! » .. فأجابه الامام (ع) : « ما حمل جدی علی الدخول فی الشوری .. » [3] .

هذا بالاضافة الی أنه یكون فی فترة ولایة العهد قد أظهر المأمون علی حقیقته أمام الناس، و عرفهم بواقع و اهداف كل ما أقدم علیه، و أزال كل شبهة و لبس فی ذلك . كما قد حدث ذلك بالفعل ..


[1] البحار ج 102 ص 53.

[2] مناقب ابن شهرآشوب ج 4 ص 365 . و ديوان ابن المعتز ص 23-22 و ان اهتمام ابن المعتز الواضح بقضية الرضا مع المأمون، كما يظهر من شعره هنا، و الذي قدمناه مع التعليق عليه في فصل : ظروف البيعة .. يدلنا علي أن هذه القضية كان لها في الامة صدي واسعا، و آثارا هامة، لم يكن بوسع ابن المعتز التغاضي عنها، و السكوت عليها.

[3] راجع : مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 364، و معادن الحكمة ص 192، و عيون أخبار الرضا ج 2 ص 140، و البحار ج 49 ص 141 140.